Font size increaseFont size decrease

الدورة الخامسة لبرنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار: تطوير حلول استباقية لمواجهة تحديات الأمن المائي, حوار مع علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار

  1. استضاف برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار مؤخرًا حفل الإعلان عن المشاريع الحاصلة على منحة دورته الخامسة، وتكريم الفرق الثلاثة الفائزة. برأيكم ما هي أهمية الاستثمار في علوم الاستمطار؟

يمثل علوم الاستمطار فرصة واعدة لتنويع الموارد المائية وتقليل الاعتماد على إمدادات المياه التقليدية. وفي ظل النمو السكاني المتسارع وما يشكله من ضغط متزايد على الموارد المائية، بات الاستثمار في أبحاث الاستمطار حلاً استراتيجياً للدول التي تسودها الظروف المناخية القاحلة وشبه القاحلة، من بينها دولة الإمارات، لضمان إمدادات مياه أكثر استدامة وموثوقية، وبالتالي تعزيز أمنها المائي. ويساهم برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار في هذه الجهود من خلال مواصلة الاستثمار في بحوث الاستمطار والتقنيات المرتبطة به. وحسب تقرير مراجعة النظراء الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن الأنشطة العالمية لتعزيز هطول الأمطار، فقد سجل عدد من عمليات التلقيح الدولية زيادات ملحوظة في كمية المياه الناتجة عن الأمطار بنسب تتراوح ما بين 5% و 25% وذلك اعتماداً على توافر الظروف المناخية المناسبة، الأمر الذي يؤكد أهمية هذه الاستثمارات في تعزيز الأمن المائي.

  1. ما هي أبرز النتائج التي حققتها المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج في السابق؟

ساهمت المشاريع الحاصلة على منحة الدورات السابقة من برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار في تعزيز فهمنا العلمي لعمليات تعزيز هطول الأمطار، فضلا عن دعم تطوير تقنيات مبتكرة في مجال تلقيح السحب. وقد وظفت هذه المشاريع مجموعة متنوعة من التقنيات، كتكنولوجيا النانو، وأنظمة الطائرات بدون طيار، والخوارزميات المتقدمة لمعالجة البيانات، والذكاء الاصطناعي، والمناهج التجريبية العددية، وغيرها، الأمر الذي ساعد الباحثين والمؤسسات العلمية المشاركة في هذه المشاريع في بناء قدرات جديدة في هذا المجال، فضلاً عن الوصول إلى فهم أفضل لعمليات تكون السحب والفيزياء الدقيقة لهطول الأمطار.

  1. ما دور البرنامج في دعم تطوير المشاريع البحثية التي حصلت على منحتها ضمن الدورات السابقة؟

حققت المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج ضمن الدورات السابقة نتائج ملموسة وبيانات قيمة ساهمت في توسيع القاعدة المعرفية للمجتمع العلمي. وقد ترجمت هذه المقترحات البحثية إلى نماذج أولية لتطبيقات الاستمطار، وتم اختبار فعالياتها والتحقق من قدرتها على تعزيز عمليات الاستمطار من خلال الحملات البحثية الميدانية التي ينفذها البرنامج. ويتيح هذ المنهج القائم على التجارب تحويل الأفكار المبتكرة التي تقدمها المقترحات البحثية إلى تطبيقات عملية تواكب الظروف البيئية المحلية في دولة الإمارات وغيرها من المناطق القاحلة وشبه القاحلة. كما يشجع البرنامج أصحاب المقترحات البحثية الجديدة على البناء على ما تم تحقيقه من نتائج وإنجازات ضمن الدورات السابقة والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى البرنامج لتعزيز القدرات الحالية وتمهيد الطريق نحو مزيد من التطوير والتحسين في مجال أبحاث الاستمطار وتعزيز دوره في مواجهة تحديات شح المياه، فضلاً عن ضمان تطبيق تقنيات الاستمطار على نطاق أوسع.

  1. إن معيار الجاهزية التقنية ليس بالأمر الجديد على مشاريع برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار.  ما هي أبرز التطورات في هذا الإطار ضمن الدورة الخامسة وما بعدها؟

في إطار مشاريع الدورة الخامسة وما بعدها، يركز البرنامج بشكل استراتيجي على تحقيق مستوى متقدم من معيار الجاهزية التقنية المعتمد دولياً لتصنيف الحلول المقترحة. ويتطلب البرنامج من المقترحات البحثية تقديم وصف واضح لمستوى الجاهزية التقنية للتقنيات والنماذج والمنتجات الأخرى التي يتم تطويرها ضمن المشروع البحثي. ويجب ألا تقتصر مقترحات المشاريع على الخطوط العريضة للجاهزية التقنية المستهدفة للحلول المقترحة، بل ينبغي أيضًا إبراز أهمية النموذج الأولي والتحقق من صحته في بيئة البحث. ويعد هذا النهج المتقدم للجاهزية التقنية عاملاً مهماً في تقييم المقترحات، وذلك انطلاقا من التزام البرنامج لتشجيع الابتكار التكنولوجي في أبحاث الاستمطار. كما أضاف البرنامج شرطاً أساسياً لترشح المشاريع البحثية المقترحة لمنحة الدورة الخامسة، والذي نص على تحقيق المقترحات البحثية لـ 6 درجات أو أكثر من أصل 9 درجات وفق معيار الجاهزية التقنية. وتضمن الدرجة السادسة في هذا المعيار تقديم المشروع البحثي لنموذج عرض أولي في بيئة ذات صلة.

  1. ما هي التقنيات الجديدة التي سيتم دعمها ضمن الدورة الخامسة؟ وما هي توقعاتكم فيما يتعلق بنتائج هذه التقنيات؟

في إطار دورته الخامسة، سيواصل برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار تمويل المقترحات البحثية الرائدة التي تطبق التقنيات الجديدة في مجال أبحاث الاستمطار، حيث يركز مشروع الدكتور غيوم ماتراس على استخدام الليزر لإحداث تعديلات جوية يمكن التحكم فيها للتأثير على عمليات هطول الأمطار وتعزيزها من خلال عمليات المحاكاة العددية والتجارب المعملية. أما مشروع البروفيسور ويل كانتريل فيهدف إلى قياس "قابلية السحب للتعديل" من خلال التلقيح الاسترطابي، بالإضافة إلى تجربة الشحن الكهربائي. بالإضافة إلى ذلك، يهدف مشروع البروفيسور دانييل روزنفيلد إلى تطوير القدرة على فهم قابلية السحب الحملية للتلقيح وتحسين عمليات الاستمطار في الوقت الحقيقي وبدقة مكانية عالية، وذلك استنادًا إلى بيانات الأقمار الصناعية والأرصاد الجوية المتاحة تشغيليًا. ومن شأن هذه المشاريع أن تفتح آفاقا واعدة لتطوير تطبيقات عملية ستساهم في تعزيز أبحاث الاستمطار.

  1. لقد أعلنتم أن هذه الدورة ستركز على مجالين رئيسيين: تحسين فرص تكون السحب، وتعزيز هطول الأمطار. كيف كانت ردود فعل المتقدمين تجاه هذا القرار؟

يغطي هذان المجالان جانبًا مهمًا من علوم الاستمطار ويشكلان فرصة قيمة للباحثين للمساهمة في تطوير حلول مبتكرة للنهوض بأبحاث الاستمطار. كما أن تركيز البرنامج على تحسين فرص تكون السحب خلال الدورة الخامسة جاء استجابة للاهتمام الكبير الذي حظي به هذا المجال البحثي من قبل العلماء، ويتماشى مع جهود البرنامج لتعزيز الفهم العلمي لديناميكيات الغلاف الجوي وفيزياء السحب وصولاً إلى تطوير استراتيجيات فعالة وأساليب مبتكرة لتعزيز هطول الأمطار ومواجهة أزمة شح المياه في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

  1. كيف توصلتم إلى أن هذين المجالين هما الأكثر أهمية بالنسبة للأولويات البحثية خلال الدورة الخامسة؟

تم تحديد هذين المجالين بناءً على التقييم الذي أجراه البرنامج للنتائج المتوقعة للأبحاث العلمية في مجال تحسين فرص تكون السحب، والتوجه الاستراتيجي لدى اللجنة الفنية التابعة للبرنامج والتي تضم خبراء دوليين في هذا المجال، إضافة إلى مدى تأثير هذه الأبحاث على تعزيز هطول الأمطار وتحقيق الأمن المائي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وخلال هذه المرحلة، قمنا بدراسة الوضع الحالي للمعرفة العلمية المتاحة والتقدم المحرز في هذا الإطار للوقوف على الفجوات الموجودة في فهم العمليات الجوية المتعلقة بهطول الأمطار. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت مخرجات الدورات السابقة في التوصل إلى هذا القرار، حيث حظي هذان المجالان باهتمام كبير من المجتمع العلمي المعني بأبحاث علوم المناخ والغلاف الجوي.

  1. هل تعتقدون أن الاستثمار في أبحاث الاستمطار هو خيار مجدي وقابل للتطبيق؟

يرى برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار أن الاستثمار في أبحاث الاستمطار خيار استراتيجي نظراً لدوره الحاسم في معالجة ندرة المياه، وضمان الإدارة المستدامة للموارد المائية، فضلا عن المساهمة في تحقيق استراتيجيات التكيف مع التغير المناخي. ويؤدي التغير المناخي والطلب المتزايد على الموارد المائية وزيادة النمو السكاني إلى تفاقم ندرة المياه على مستوى العالم، مما يفرض علينا تبني حلول مبتكرة ومستدامة لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال الحالية والمستقبلية. علاوة على ذلك، فإن الدعم المتواصل الذي يقدمه البرنامج للأبحاث العلمية والابتكارات التكنولوجية المتقدمة في مجال الاستمطار ينطلق من إيمانه القوي بجدوى أبحاث الاستثمار كاستثمار استراتيجي لضمان الأمن المائي وتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع التغير المناخي.

  1. على ضوء النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر الأطراف COP28، ما هي خطتكم للبناء على نتائجه فيما يتعلق بالأمن المائي؟

في إطار جهود البرنامج للتصدي لتداعيات التغير المناخي، بما في ذلك تحديات الأمن المائي، سنعمل على توظيف مخرجات هذا المؤتمر لتعزيز الابتكار التكنولوجي لمعالجة هذه التحديات. كما سنسعى إلى الاستفادة من الأفكار المطروحة والشراكات الدولية التي تم تعزيزها خلال المؤتمر للارتقاء بجهودنا البحثية في مجال أبحاث الاستمطار. كما يعتزم البرنامج دمج توصيات المؤتمر مع توجهات أبحاثه المستقبلية من أجل المساهمة في الجهود العالمية الهادفة إلى تأمين الموارد المائية المستدامة على المستويين المحلي والعالمي.

  1. كيف تختارون الدول التي يتم التعاون معها في تنفيذ أبحاث الاستمطار؟

يرجع قرارنا بالتعاون البحثي مع دول العالم إلى اعتبارات علمية بحتة وذلك من منطلق التزامنا الثابت بتحقيق رخاء للمجتمعات من خلال تعزيز التعاون الدولي ودعم التقدم العلمي والتكنولوجي في مجال أبحاث الاستمطار، بما يحقق مستقبلا أفضلا للجميع.

  1. ما هو التزام برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار بالابتكار؟

يستند التزامنا بالابتكار إلى مبادئ أساسية أهمها المسؤولية. ومن خلال الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، نسعى جاهدين إلى تعزيزالتعاون الدولي لمواجهة التحديات الملحة مستندين إلى منهج بحثي قائم على استشراف تحديات المستقبل واستباقها بالحلول المبتكرة، وتعد المشاريع البحثية الحاصلة على منحة الدورة الخامسة بمثابة شهادة على حرصناعلى تشجيع الابتكار المسؤول والمؤثر.