Font size increaseFont size decrease

أهمية الاستمطار:

يعتبر برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار مبادرة رائدة صممت من أجل تعزيز الأمن المائي في المناطق الجافة وشبه الجافة في العالم.

لقد بذلت دولة الإمارات جهوداً ملحوظة في مجال تحقيق أمن المياه وكفاءة الطاقة. لكن نظراً إلى أن الإمارات لا تزال تلبي ثلثي احتياجاتها الداخلية من مصادر المياه الجوفية، تظل التحديات مفتوحة أمام البلاد. وتعتبر قضية أمن المياه في الإمارات من بين أبرز التحديات المستقبلية.

ويمكن أن توفر تقنيات الاستمطار، وهي جزء من نشاطات تُعرف باسم "تلقيح السحب"، مكملاً فعالاً ومعقول التكلفة لإمدادات المياه الحالية في المناطق الجافة وشبه الجافة. وتساعد هذه التقنيات حكومات دول المنطقة على تطوير أدوات جديدة ضمن سعيها إلى ضمان أمن المياه.

وفي إطار تشجيع البحوث في هذا المجال، أطلقت الدولة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار بهدف الإشراف على منح بحثية بقيمة 1.5 مليون دولار أمريكي موزعة على 3 سنوات من شأنها أن تحفز العلماء والباحثين على إيجاد أفكار مبتكرة لتقنيات وعلوم الاستمطار. وتكمن أهداف البرنامج في تطوير تقنيات تحسن من كفاءة وقدرات التوقع الخاصة بعمليات تلقيح السحب.

ويعتبر أمن المياه أحد الأولويات بعيدة المدى حيث سيعمل برنامجنا المستمر على تعزيز الفهم العلمي لخلق تغيير دائم يسهم في الجهود العالمية لمكافحة شح المياه. وفي حين بدأت البحوث الخاصة بعلوم الاستمطار منذ أربعينيات القرن الماضي، ما زالت تلك العلوم تملك إمكانيات واعدة جداً من ناحية البحوث والتطوير والابتكار.

إنجازات دولة الإمارات في مجال الاستمطار:

بدأت عمليات الاستمطار في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1990، وتم تطويرها بالتعاون مع عدد من المنظمات مثل المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو، الولايات المتحدة الأمريكية؛ ووكالة الفضاء الأمريكية، ناسا. وفي عام 2005، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة جائزة الإمارات للتميز في تقدم علوم وممارسة تعديل أحوال الطقس بالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وقد أقيمت هذه المسابقة مرة واحدة وتم وقفها بعد ذلك. وتم تعديل الجائزة لتصبح برنامج دولي لبحوث علوم الاستمطار. وتضم دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أكثر من 60 محطة مترابطة للرصد الجوي، وشبكة رادار متكاملة، وست طائرات متخصصة لتنفيذ عمليات الاستمطار. والأهم من ذلك، عدم استخدام أي مواد كيماوية ضارة في هذه العمليات: حيث تعتمد على الأملاح الطبيعية مثل كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم.

الإنجازات العالمية في مجال الاستمطار:

سعت دول عديدة حول العالم إلى تطبيق بحوث الاستمطار منها على سبيل المثال:

الصين التي تملك حالياً أكبر برنامج استمطار وتلقيح سحب في العالم

الولايات المتحدة التي تستخدم تقنيات الاستمطار وتلقيح السحب لزيادة هطول الأمطار في المناطق التي تعاني من الجفاف، ولتقليل أحجام حبات البرد التي تتشكل عقب العواصف الرعدية.

الهند التي قامت بتنفيذ عمليات الاستمطار خلال الأعوام الأخيرة بهدف تعزيز الهطول المطري في ولايات أندرا برديش و ماهاراشترا

تايلاند: تمكنت تايلاند بفضل الرؤية المستنيرة وبعيدة المدى لجلالة الملك بوميبول من تطوير سجل متميز في عمليات الاستمطار الناجحة التي حققت زيادة كميات هطول الأمطار في مناطق المسطحات المائية والمناطق الزراعية.

الأجندة الحالية لبحوث علوم الاستمطار:

يشير المختصون في علوم الاستمطار إلى عدد من العوائق التي تحول دون التطبيق الأمثل لتقنيات الاستمطار. وتكمن التحديات الثلاثة الرئيسية حالياً في جمع وتحليل البيانات الخاصة بتشكل الغيوم، واختيار وتطبيق المواد الخاصة بتلقيح السحب، وعملية تحديد وتعقب الغيوم المناسبة للتلقيح.

أولاً، يجب تحسين عملية جمع البيانات حول السحب في ما يخص أوقات الاستجابة والتغطية الجغرافية. ويمكن لعلماء الأرصاد عادة توقع عملية تشكل الغيوم المحملة للأمطار، لكن ما يمنعهم من جمع البيانات هي الكثافة غير الكافية لمحطات المراقبة أو آلات قياس كميات الأمطار.

ثانياً، هناك بعض المشاكل المتعلقة بمواد التلقيح. تشير عمليات التلقيح الحالية إلى أن مواد الاسترطاب هي الخيار الأفضل للسحب الدافئة الركامية، في حين يعتبر أيوديد الفضة مناسبا أكثر للاستخدام ضمن تشكلات السحب في المناخ البارد. وهنا نحتاج إلى إجراء بحوث جديدة لاختبار فعالية مواد التلقيح وكيف يمكن تطبيقها بشكل أكثر فعالية

ثالثاً، إن تحديد وتعقب أنواع الغيوم المناسبة لعمليات التلقيح يتطلب تحسين البنى التحتية الخاصة بالمراقبة والتي يمكنها أن تزودنا بمعلومات واقعية ومباشرة

وتضمنت المواد الكيميائية الأكثر استخداما في عمليات الاستمطار في السابق كلاً من أيوديد الفضة وأيوديد البوتاسيوم والثلج الجاف، إلا أن برامج البحوث والتطوير في هذا المجال ركزت مؤخراً على استخدام مواد الاسترطاب لتحفيز السحب للاستمطار، بما في ذلك ملح الطعام. وقد أحرزت الاختبارات على تلك التقنيات نتائج واعدة بشكل كافٍ لإجراء بحوث إضافية لتطبيقها في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.

إن العثور على حلول للتحديات السابقة قد يفتح الباب لأن تلعب تقنيات الاستمطار دوراً هاماً في تحقيق أهداف استدامة المياه. وفي حين يهدف برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار بشكل مباشر إلى زيادة معدلات كميات الأمطار في البلاد وتعزيز إمدادات المياه العذبة، يسعى البرنامج إلى إحراز نتائج من شأنها أن تضطلع بتطبيقات واسعة في دول يمكنها الاستفادة من التطورات الحاصلة في تقنيات تعزيز الاستمطار.

تتطلع الإمارات لمشاركة خبراتها في مجال الاستمطار وتعزيز نشاطات نقل المعرفة والتعاون في مجال تطوير علوم الاستمطار، خصوصا باعتبارها من الدول الواقعة في منطقة جافة ولديها نسبة هطول أمطار سنوية لم تتجاوز ١٠٠ ملم خلال الأعوام الثلاثة السابقة، بالإضافة لوجود نسبة تبخر عالية للمياه السطحية فيها، وأيضا معدل منخفض لتجدد للمياه الجوفية يقل كثيراً عن نسبة المياه السنوية المستخدمة.

وتمارس الإمارات دورها في إحياء الجهود المبذولة في هذا المجال من خلال توفير الدعم للبحوث وتطوير الابتكار، وتعكس جهودها الرامية إلى استكشاف جميع الخيارات المتاحة لتعزيز استدامة المياه وعياً كاملاً لتسارع ندرة المياه الذي قد تؤدي إلى نزاعات أهلية وصراعات بين الدول الواقعة في المناطق الجافة وشبه الجافة خلال العقود القادمة. وتقود الحكومة الإماراتية جهود الابتكار اللازمة لجعل تقنيات الاستمطار أداة هامة، وذلك من خلال فهمها لأهمية ضمان إمدادات مستمرة من المياه العذبة لسكان المناطق الجافة وشبه الجافة حول العالم.